|
الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
واختلفوا أهواسم أوفعل فذهب الأصمعي إلى أنه بمعنى قاربه ما يهلكه أي نزل به وأنشد: أي قارب أن يزيد. قال ثعلب: لم يقل أحد أحسن مما قال الأصمعي. وقال المبرد. يقال لمن هم بالعطب كما روي أن أعرابيا كان يوالي رمي الصيد فينفلت منه فيقول أولى لك رمي صيدا فقاربه ثم أفلت منه وقال: والأكثرون على أنه اسم فقيل هو مشتق من الولي وهو القرب كما قال الشاعر: وقال الجرجاني هو ما حول من الويل فهو أفعل منه لكن فيه قلب.وقال الجلال في تفسير سورة القيامة والكلمة اسم فعل واللام للتبيين أي مبنية على السكون لا محل لها من الإعراب والفاعل ضمير مستتر يعود على ما يفهم من السياق وهو كون هذه الكلمة تستعمل في الدعاء بالمكروه وقوله للتبيين المفعول وهي في المعنى زائدة على حدّ سقيا لك. وعبارة القاموس وأولى لك هي كلمة تهديد ووعيد والمعنى قد قاربك الشر فاحذر قال شارحه وقيل معناه الويل لك أو أولاك اللّه ما تكرهه فتكون اللام زائدة.{طاعَةٌ وَقول مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فلو صدقوا اللَّهَ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ} {طاعة وقول} كلام مستقل محذوف منه أحد الجزأين إما الخبر وتقديره أمثل وهو مذهب سيبويه والخليل. وإما المبتدأ وتقديره الأمر أوأمرنا طاعة وتقدم أنه يجوز أن يكون خبر الأولى وهناك أعاريب أخرى ضربنا عنها صفحا لبعدها وتكلفها. {فإذا} الفاء حرف عطف وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بصدقوا نحو إذا جاءني بطعام فلو جئتني أطعمتك. وجملة {عزم الأمر} في محل جر بإضافة الظرف إليها والفاء رابطة لجواب إذا ولوشرطية غير جازمة و{صدقوا} فعل وفاعل والجملة لا محل لها لأنها جواب إذا ولفظ الجلالة مفعول به ولكان اللام واقعة في جواب لو وكان فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره هو أي الصدق و{خيرا} خبرها و{لهم} متعلقان بخيرا.{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوليْتُم أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} الفاء استئنافية و{عسيتم} فعل ماض من أفعال الرجاء والتاء اسمها وسيأتي مزيد بحث عنها في باب الفوائد، و{إن} شرطية و{توليتم} فعل ماض في محل جزم فعل الشرط والجواب محذوف لدلالة {فهل عسيتم} عليه أو هو نفس {فهل عسيتم} عند من يرى تقديمه وجملة الشرط وجوابه معترضة لا محل لها و{أن تفسدوا} خبر عسى و{في الأرض} متعلقان بتفسدوا.{وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ} عطف على {أن تفسدوا في الأرض}.{أولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وأعمى أَبْصارَهُمْ} {أولئك} مبتدأ و{الذين} خبره وجملة {لعنهم اللّه} صلة والفاء عاطفة وأصمّهم فعل وفاعل مستتر ومفعول به {وأعمى أبصارهم} عطف على فأصمّهم.{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها} الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء عاطفة على مقدّر يقتضيه السياق ولا نافية و{يتدبرون القرآن} فعل مضارع وفاعل ومفعول به و{أم} منقطعة بمعنى بل والهمزة للتسجيل عليهم بأن قلوبهم مقفلة لا يتوصل إليها ذكر وعلى قلوب خبر مقدم وأقفالها مبتدأ مؤخر وجوبا وسيأتي سرّ التنكير في باب البلاغة.{إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سول لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ} {إن} حرف مشبّه بالفعل و{الذين} اسمها وجملة {ارتدوا} صلة الموصول و{على أدبارهم} حال و{من بعد} متعلقان بارتدّوا و{ما} المصدرية وما في حيزها في محل جر بالإضافة إلى الظرف و{لهم} متعلقان بتبين و{الهدى} فاعل و{الشيطان} مبتدأ وجملة {سول لهم} خبر {الشيطان} والجملة الاسمية خبر إن ومعنى {سول لهم} سهّل لهم من السول وهو الاسترخاء {وأملى لهم} عطف على {سول لهم}.{ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالوا لِلَّذِينَ كَرِهوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ} {ذلك} مبتدأ و{بأنهم} خبره وأن واسمها وجملة {قالوا} خبرها و{للذين} متعلقان بقالوا وجملة {كرهوا} صلة و{ما} مفعول به وجملة {نزّل اللّه} صلة وجملة {سنطيعكم} مقول القول و{في بعض الأمر} متعلقان بنطيعكم.{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ} الواو للحال و{اللّه} مبتدأ وجملة {يعلم إسرارهم} خبر و{إسرارهم} مفعول به وهو بكسر الهمزة مصدر أسرّ وقرئ بفتحها جمع سر.{فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ} الفاء عاطفة وكيف اسم استفهام في محل رفع خبر مقدم أي كيف حالهم ويجوز أن تعرب مفعولا لفعل محذوف أي فكيف يصنعون. و{إذا} ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بالمبتدأ المحذوف وجملة {توفتهم الملائكة} في محل جر بإضافة الظرف إليها وجملة {يضربون} حال من الفاعل أو من المفعول و{وجوههم} مفعول به {وأدبارهم} عطف على {وجوههم}.{ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ} {ذلك} مبتدأ و{بأنهم} خبر وجملة {اتبعوا} خبر أن و{ما} مفعول به وجملة {أسخط اللّه} صلة و{كرهوا رضوانه} عطف على جملة {اتبعوا ما أسخط اللّه}. {فأحبط} عطف على ما تقدم و{أعمالهم} مفعول به.
ومن عجيب أمر الضاد والغين أنهما إذا اجتمعتا فاء وعينا للكملة دلّتا على معنى متقارب وهو الشيء الكامن في الخفاء كما تقدم في الضغن ويقال ضغن عليّ فلان واضطغن وأبعد اللّه كل مضاغن لأخيه مشاحن لمواليه وما زلت به حتى سللت بقية ضغنه وأخليت صدره عمّا كان في ضمنه. وضغبت الأرنب صوّتت إذا أخذت. وضربه بضغث أي بقبضة من قضبان صغار أوحشيش بعضه في بعض ومن مجازه هذه أضغاث أحلام وهي ما التبس وكمن منها. وضغط الشيء عصره وضيّق عليه وأعوذ باللّه من ضغطة القبر وهي كامنة لا يعلمها إلا اللّه. وسمعت ضغيل الحجام وهو صوت مصّه وضغمه ضغمة الأسد وهي العضة بملء الفم وفرسه الضيغم والضياغمة وهو الأسد. وضغا فلان ضغاء تضوّر من ضرب أوأذى وتقول أضغيته إضغاء ثم أغضيت عنه إغضاء وبات صبيانه يتغاضون من الجوع ويتضاغون وهذا من العجب العجاب.{بِسِيماهُمْ} بعلامتهم وفي القاموس والسومة بالضم والسيمة والسيماء والسيمياء بكسرهنّ: العلامة.{لَحْنِ القول} نحوه وأسلوبه وقيل اللحن: إن تلحن بكلامك أي تميله إلى نحومن الأنحاء ليفطن له صاحبك كالتعريض والتورية قال: فاللحن العدو ل بالكلام عن الظاهر والمخطئ لاحن لعدو له عن الصواب أي لكي تفهموا دون غيركم فإن اللحن يعرفه أرباب الألباب دون غيرهم قال في المصباح: اللحن بفتحتين الفطنة وهو مصدر من باب تعب والفاعل لحن يتعدى بالهمزة فيقال ألحنته فلحن أي أفطنته ففطن وهو سرعة الفهم وهو ألحن من زيد أي أسبق فهما ولحن في كلامه لحنا من باب نفع أخطأ في العربية قال أبوزيد لحن في كلامه لحنا بسكون الحاء ولحونا إذا أخطأ الإعراب وخالف وجه الصواب ولحنت بلحن فلان لحنا أيضا تكلمت بلغته ولحنت له لحنا قلت قولا فهمه عني وخفي على غيره من القوم وفهمته من لحن كلامه وفحواه ومعاريضه بمعنى. قال الأزهري: لحن القول كالعنوان وهو كالعلامة تشير لها فيفطن المخاطب لغرضك.والخلاصة أن للحن معنيين صواب وخطأ فالصواب صرف الكلام وإزالته عن التصريح إلى المعنى والتعريض وهذا ممدوح من حيث البلاغة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «فلعلّ بعضكم ألحن حجته من بعض». وقال الشاعر: وإليه قصد بقوله: {ولتعرفنّهم في لحن القول} وأما اللحن المذموم فظاهر وهو صرف الكلام عن الصواب إلى الخطأ بإزالة الإعراب أو التصحيف. ومعنى الآية: وإنك يا محمد لتعرفنّ المنافقين فيما يعرضون به من القول من تهجين أمرك وأمر المسلمين وتقبيحه والاستهزاء به فكان بعد هذا لا يتكلم منافق عند النبي صلى الله عليه وسلم إلا عرفه بقوله ويستدل بفحوى كلامه على فساد باطنه ونفاقه.
|